فن الطبخ الأسفي في حداد
بعض العبارات تبقى خالدة في ذاكرتنا… فمنذ الصغر، كان من المستحيل حضور دعوة زفاف أو مناسبة عائلية دون سماع عن محنشة لالة الگراوية أو البسطيلة ….، تلك الأطباق التي أصبحت رمزًا للمائدة الأسفية الأصيلة. وكما اعتادت العائلات الأسفية التباهي بتقاليدها العريقة، كان اسم لالة ربيعة الگراوي حاضرًا دائمًا في أحاديث الفن الرفيع.
ولم تكن شهرة محنشة لالة ربيعة مقتصرة على حدود المدينة، بل تجاوزتها لتصبح معروفة عالميًا. ورغم ذلك، يبدو أن أهل آسفي الطيبين يخجلون من الدفاع عن إرثهم، على عكس مدن أخرى تعتز بتراثها وتعمل على الترويج له.
اليوم، رحلت عنّا سيدة بألف وصفة، امرأة لم تكن عادية، بل رمزًا من رموز مدينة آسفي، تاركة وراءها إرثًا غنيًا يعكس أصالة وتاريخ هذه المدينة العريقة.
تنتمي الراحلة إلى عائلة مرموقة، جمعت بين الثقافة والنُبل، وكانت تجسد بأخلاقها وحرفيتها قيمة التراث المغربي الأصيل. ومن الحكايات التي بقيت متوارثة في ذاكرة أهل آسفي، قصة رواها لي والدي، رحمه الله، عن رحلة بحرية في عهد الحماية، حيث كان الركاب الفرنسيون ينظرون إلى المغاربة بنظرة استعلائية، كما كان شائعًا آنذاك. لكن فجأة، تغيّر كل شيء حين توجه سي الكراوي، رحمه الله، نحو البيانو، وبدأ بعزف مقطوعات لكبار المؤلفين مثل شوبان وموزارت. لحظتها، تحولت نظرات التعالي إلى إعجاب واحترام، في مشهد جسّد كيف يمكن للفن والثقافة أن يكونا لغة عالمية قادرة على كسر الحواجز وإعادة تشكيل التصورات.
رحم الله لالة ربيعة الگراوي، التي حافظت على هذا التراث العريق ونقلته بأمانة عبر الأجيال، بكل حب وسخاء، ليظل جزءًا خالدًا من ذاكرة آسفي
الفاعل الاقتصادي أحمد غايبي يرثي المرحومة ربيعة الكراوي…فن الطبخ الأسفي في حداد

التعليقات - الفاعل الاقتصادي أحمد غايبي يرثي المرحومة ربيعة الكراوي…فن الطبخ الأسفي في حداد :
عذراً التعليقات مغلقة