بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، أصدر جلالة الملك محمد السادس عفوا ملكيا ساميا استفاد منه 4831 شخصا المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي المتوفرين على الشروط المتطلبة للاستفادة من العفو.
وتأتي هذه البادرة الملكية في سياق منطلقات اجتماعية وإنسانية نبيلة، حيث يسعى إلى تمكين هذه الفئة من المواطنين من التخلص من الآثار القانونية المترتبة على المتابعات القضائية، والاندماج مرة أخرى داخل المجتمع.
ويحرص جلالة الملك على جعل من كل المناسبات الوطنية الكبرى مناسبة لاتخاذ مبادرات إنسانية تعكس مبادئ الرأفة والتسامح، وتستشرف مصلحة المستفيدين من العفو، بما يخدم المصلحة الفضلى للمجتمع ككل.
ويأتي هذا العفو في سياق الآثار الإيجابية للعفو الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش المجيد، الذي استفاد منه 2476 شخصًا، من بينهم صحفيون ومدونون مدانون في قضايا الحق العام، ومستفيدون من برنامج مصالحة لمواجهة الخطاب المتشدد داخل السجون.
تبرهن هذه المبادرات الملكية على أن العفو السامي هو أداة متكاملة، تستمد مرجعيتها من القيم الكامنة في كل مناسبة وطنية، وتستقي غاياتها ومقاصدها من الروح الإنسانية لجلالة الملك، التي تبتعد عن أي اعتبارات سياسية داخلية أو خارجية.
وكما رفع العفو الملكي بمناسبة عيد العرش المجيد سقف التطلعات، فقد فاجأ العفو الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب الجميع بمعالجته لوضعيات اجتماعية صعبة لفئات واسعة من صغار المزارعين، مما يمكنهم من العودة إلى محيطهم الاجتماعي والانخراط في أنشطة مشروعة مدرة للدخل، بما لا يتعارض مع القوانين والتشريعات الوطنية.
مبادرة إنسانية
ويأتي هذا العفو الملكي كمبادرة إنسانية تهدف إلى معالجة الأوضاع الإنسانية للمزارعين الصغار، مما يسمح لهم بالعودة إلى أسرهم والتجمع مع أهلهم وذويهم بسلام. كما تشكل هذه المبادرة خطوة جديدة لحل اجتماعي غير مسبوق، وتستمر في تعزيز التنمية الشاملة والعادلة على المستويين الجهوي والوطني.
وسيسهم هذا العفو الملكي في توطيد مسار تقنين سلسلة القنب الهندي ذات الاستعمالات المشروعة، مما يعزز النسيج الاجتماعي ويحسن الأوضاع الاقتصادية للمستفيدين وعائلاتهم، وهو قرار يتماشى مع الأهداف المسطرة لتطوير الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، حيث يسهم في تحسين دخل السكان المحليين بصفة قانونية، ويمنح المزارعين فرصًا للاندماج في أنشطة قانونية مدرة للدخل.
وسيحقق هذا القرار العديد من المكاسب، منها إعادة الإدماج الاجتماعي للمزارعين، وتحسين مداخيلهم، وإرساء قواعد ممارسات مستدامة، والنهوض بالمناطق المعنية، وحماية المزارعين من المتابعات القضائية والمشاكل الاجتماعية.
إعادة دمج المزارعين
وتندرج هذه الخطوة في إطار مقاربة شاملة تهدف إلى تحقيق مصلحة المملكة والمزارعين معًا، حيث تعمل على الحد من استغلال تجار المخدرات وتعزز عودة السكان إلى الزراعة القانونية، كما تتوافق هذه المبادرة الملكية مع روح القانون الهادف إلى تأطير زراعة القنب الهندي وتنظيم القطاع، دون أن تعني شرعنة الزراعة غير المشروعة خارج الضوابط القانونية.
وتمنح هذه البادرة الملكية الأمل لمئات الأسر التي عانت من تبعات قانونية واقتصادية قاسية، وتتيح إعادة دمج المزارعين في النشاط الاقتصادي بشكل قانوني يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي وتحقيق استقرار نفسي واجتماعي.
هذا العفو الملكي يمثل خطوة هامة نحو تعزيز التنمية المحلية في المناطق التي تعتمد على زراعة القنب الهندي، من خلال تحويل هذه الزراعة إلى نشاط قانوني ومنظم يحقق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
تأثيرات وطنية ودولية
كما يحمل العفو الملكي تأثيرات إيجابية متعددة، ليس فقط على الأفراد المستفيدين، بل على البيئة المحلية بأكملها. إذ يتيح هذا القرار لهؤلاء المزارعين فرصة لإعادة بناء حياتهم وتجاوز العقبات التي كانت تعترض طريقهم، مما يعيد لهم كرامتهم ويتيح لهم المساهمة في الاقتصاد المحلي.
ويعزز العفو الملكي الدور الريادي والاستراتيجي للمملكة في التعاون الدولي لمكافحة شبكات التهريب الدولي للمخدرات، عبر حماية مزارعي نبتة القنب الهندي من الوقوع في براثن هذه الشبكات، والحد من الزراعة غير المشروعة.
ويتكامل القرار الملكي مع القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، والذي يهدف إلى استيعاب وإدماج مزارعي المناطق المعنية في أنشطة مدرة للدخل، مما يحقق طفرة اقتصادية بالمناطق المعنية، ويقطع الطريق أمام المهربين.
إن العفو الملكي الصادر في حق صغار مزارعي نبتة القنب الهندي يمثل خطوة إنسانية واستراتيجية بارزة تعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وتدعم التنمية المستدامة في المناطق المعنية.
التعليقات - عفو ملكي عن صغار مزارعي القنب الهندي.. خطوة إنسانية نحو تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي :
عذراً التعليقات مغلقة