وتميزت سيرة الراحل بكونه مقاوما من الدرجة الأولى، فقد قاوم ضد الاستعمال، وقاوم من أجل وحدة الوطن، وقاوم من أجل توطين الديمقراطية، وقاوم ضد الفساد ومن أجل محاربته.
وولد الراحل سنة 1925، في قرية تيمنصور، بإقليم اشتوكة آيت باها، وسط عائلة متوسطة الدخل تمتهن الفلاحة والتجارة.
وتحدث آيت إيدر عن مرحلة طفولته في سيرته الذاتية، التي تحمل عنوان “هكذا تكلم محمد بنسعيد” حيث قال: “حُرمت من حنان الأم وأنا في سن الطفولة، فقد توفيت والدتي وعمري لم يتجاوز السادسة، وهكذا نشأت يتيما بالرغم من أن والدي تزوج بعدها بوقت قصير”.
لم يكن عمر آيت إيدر يتجاوز الرابعة حين التحق بالكتاب (المسيد) الكائن بقريته، حيث يقول عن هذه المرحلة “حفظت القرآن، وتمكنت من إخراج 13 سلكة من ستين حزبا، استظهارا واحدا بثلاث قراءات منها قراءة المكي…”.
وفي سن الثالثة عشرة انتقل إلى المدرسة الشيشاوية، إحدى مدارس التعليم العتيق لدراسة الفقه والنحو، التي قضى بها سنتين ليلتحق بعدها بمدرسة سيدي أبي عبد الله نواحي سيدي إفني.
وانتقل الراحل بعدها إلى مدينة مراكش لمتابعة تعليمه بكلية بن يوسف، حيث التحق خلال هذه الفترة بشبيبة حزب الاستقلال عام 1948.
وانخرط الراحل في مقاومة الاستعمار، حيث كان من أطر المقاومة وجيش التحرير، وكُلّف بعدة مهام منها التنسيق وربط الاتصال بين القيادات المركزية بتطوان مواقع جيش التحرير بالشمال ومراكز أخرى كالدار البيضاء ومدريد وسيدي إفني.
وبعد حصول المغرب على الاستقلال، انخرط آيت إيدر في العمل السياسي، فقد ترأس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، التي تحولت لاحقا إلى “الحزب الاشتراكي الموحد”، وانتخب نائبا في البرلمان عن اقليم اشتوكة أيت باها في انتخابات 1984.
وعرف عن الراحل نضاله من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان واستماتته في الدفاع عن القيم التي تمثلها، ولم يمنعه تقدمه في العمر من معانقة آمال الشباب والتعبير عنها.
اقترن في الثمانينيات من القرن الماضي بالسيدة سعيدة صاطف ورزق منها بهدى وعثمان.
دافع بقوة عن الوحدة الترابية للمغرب. يحكي في كتاب سيرته كيف كان الوطنيون يواجهون نظراءهم الجزائريين . يقول ” كنا نعرفهم خير المعرفة ونعرف كيف نواجههم بالحجج التاريخية ونفضحهم . ولست أبالغ إن قلت إننا كنا نحرجهم حتى في عقر دارهم. ولم يكونوا هم يملكون أمام هجومنا عليهم سوى التهرب في الحديث أو ركوب المزاح أو الاعتذار بلباقة. كنا نقول لهم بصريح العبارة إنهم يلهثون خلف مصالحهم”.
ونعت القيادية في الحزب الاشتراكي الموحد، الراحل، على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” حيث كتبت: “الرفيق محمد بن سعيد ايت ايدر في ذمة الله … وداعا ايها المناضل الشامخ المتواضع الصادق الذي حمل هم وطنه وشعبه بشغف المحبين، وبعزم الموقنين، تحلى بقيم الزاهدين وتخلق بخلق الاصفياء العارفين وألهم أجيال وأجيال من المناضلات والمناضلين”.
وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد وشح، في يوليوز 2015، الراحل بنسعيد أيت إيدر بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لعيد العرش.
التعليقات - وفاة محمد بنسعيد آيت إيدر.. الموت يغيّب أيقونة اليسار المغربي :
عذراً التعليقات مغلقة