أثيرت في بنجرير “أهمية ممتلكات مجالس العمالات والأقاليم كأداة لتحقيق التنمية الاجتماعية”، وذلك في يوم دراسي نظمته الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم، أمس الجمعة، بتعاون مع المديرية العامة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية ومديرية أملاك الدولة بوزارة الاقتصاد والمالية والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، والذي تخللته مداخلات وتقديم عروض من قبل مدراء وأطر مختصة تمثل عددا من القطاعات الحكومية، أعقبها الخروج بعدة توصيات أغنت النقاش العمومي المفتوح حول الموضوع.
وشكل هذا اللقاء مناسبة متميزة للقيام بقراءة متأنية للمقتضيات القانونية المنظمة لمجال الأملاك العقارية، خاصة المستجدات التي جاء بها القانون رقم 57-19 المتعلق بالأملاك العقارية للجماعات الترابية الذي صدر سنة 2021 والنصوص والقرارات التطبيقية له.
وفي كلمة له بالمناسبة، قال عزيز بوينيان، عامل إقليم الرحامنة، إن “المستجدات التي جاء بها القانون رقم 57.19 المتعلق بالأملاك العقارية للجماعات الترابية تندرج في إطار الورش الإستراتيجي المرتبط بمواصلة إصلاح نظام اللامركزية وتعزيز الجهوية المتقدمة بالمملكة، تنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى تعزيز دور الجماعات الترابية كشريك استراتيجي لتحقيق التنمية المستدامة.
وأكد عزيز بوينيان أن هذه المستجدات تروم كذلك تحديث تدبير منظومة الأملاك العقارية الخاصة والعامة المتعلقة بهذه الجماعات، تنزيلا لمقتضيات القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، لجعلها آلية داعمة لإنجاز البرامج التنموية ولتفعيل الجهوية الموسعة والقطع مع تعدد وتشتت النصوص القانونية المنظمة لها.
وأوضح بوينيان أن المجالس الإقليمية تواجه تحديات وانتظارات متزايدة، مشددا، في هذا الصدد، على أن الأملاك العقارية، في ظل تراجع موارد الجماعات الترابية، تشكل مصدرا مهما لخلق موارد ذاتية ودائمة لمجالس العمالات والأقاليم، وعنصرا محوريا لممارسة اختصاصاتها، لا سيما في مجال تحقيق التنمية الاجتماعية باعتبارها اختصاصا ذاتيا للعمالات والأقاليم.
كما أشار إلى أن الوعاء العقاري يعد من معيقات برمجة وإنجاز العديد من المشاريع التنموية الاجتماعية، خصوصا في ظل عدم وجود ممتلكات عقارية في ملكية المجالس الإقليمية، مبرزا أن مجلس إقليم الرحامنة، بتنسيق مع عمالة الإقليم، سعى إلى حل إشكالية العقار من خلال آلية الشراكة والتعاون بين المجلس وباقي الجماعات التابعة للإقليم من أجل إنجاز مشاريع بترابها مع التزامها بتوفير الوعاء العقاري العائد لملكيتها أو عن طريق اقتنائه من الأغيار.
ودعا عامل الإقليم مجالس العمالات والأقاليم إلى البحث عن حلول لتنمية رصيدها العقاري، لا سيما في ضوء ما جاء به القانون الجديد المنظم لأملاكها العقارية من توحيد وتبسيط للمساطر الإدارية، وإعفاء من أداء الرسوم والضرائب المستحقة الخاصة بعملياتها العقارية المختلفة ذات الطابع المحلي، وإقرار مبدأ المزايدة في العديد من عملياتها العقارية للرفع من مداخيلها المالية، وتشجيعها على التسوية القانونية لوضعية هذه الأملاك وتحفيظها.
من جهته، قال نور الدين الأزرق، نائب رئيس الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم ورئيس مجلس عمالة سلا، إن ملف الأملاك العقارية يحتل موقعا محوريا بالنسبة لمجالس العمالات والأقاليم، سواء من حيث اعتباره موردا ذاتيا مهما لتحقيق توازنها، أو من خلال توفير العقار لإنجاز البنى التحتية وتنزيل مشاريع التنمية الاجتماعية.
وأوضح نور الدين الأزرق أن سوء تدبير هذه الممتلكات يترتب عنه عدة مشاكل مما يوقع المجالس المذكورة في نزاعات تستنزف ماليتها، وهو ما يجعلها تشكل الشرط الأساسي بأي تنمية اجتماعية، مبرزا أن المصالح المعنية بتدبير هذه الممتلكات تكتسي أهمية بالغة، إذ يقع على عاتقها السهر، بمعية رؤساء المجالس، على تدبير جميع العمليات العقارية، كالتفويتات، والمبادلة، والكراء، والتحفيظ، وتحديد الملك العام وغيرها من العمليات.
وأشار، في هذا الصدد، إلى أن إشكالية نجاعة تدبير الممتلكات الجماعية مهمة داخل منظمة تسيير المجالس، مشددا على أن ذلك يستلزم من المشرفين عليها، من منتخبين وأطر، “الإلمام الجيد والالتزام بالمقتضيات القانونية والإجراءات التنظيمية والتطبيقية الواجب اتباعها في مجال استغلال الأملاك الجماعية”.
وأكد نور الدين الأزرق أن لقاء اليوم يعد مناسبة للتعريف بالمقتضيات القانونية والتنظيمية الجديدة المرتبطة بتدبير الأملاك مجالس العمالات والأقاليم وتسير رصيدها العقاري، مضيفا بأنه يشكل فرصة كذلك للوقوف على المشاكل والصعوبات التي تعترض عمل رؤساء وأطر المجالس المذكورة لتنزيل هذا القانون على أرض الواقع، في أفق تحديث أساليب ومساطر تدبير وتعزيز هذه الأملاك والمحافظة عليها وتنميتها وتحسين مداخيلها بشكل يتلاءم ومقتضيات الدستور الجديد والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية، ويستجيب لمتطلبات التنمية المحلية.
ويندرج هذا اليوم الدراسي في إطار تنزيل أهداف الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم، المتمثلة في إغناء النقاش العمومي لتدارس مختلف القضايا المتعلقة بتطوير ورش اللامركزية وتجويد الإطار القانوني للرفع من مستوى أداء مجالس العمالات والأقاليم، من خلال تطوير قدرات المنتخبين وموظفي الجماعات الترابية، من أجل تنفيذ مشاريع التنمية المحلية المستدامة بفعالية عالية، في إطار مراقبة مستلزمات الحكامة الرشيدة بما يستوجب ذلك من إدراك لمجال التدبير العمومي وحدوده القانونية والتنظيمية.
يذكر أن أملاك الجماعات الترابية تلعب دورا أساسيا في بلوغ أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي تكون مخصصة إما للاستعمال المباشر من قبل العموم أو لتسيير المرافق العمومية الترابية، تسمى أملاكا عامة.
وبهذه الصفة الأخيرة، فهي لا تقبل أي تصرف من التصرفات الخاصة، كالبيع والشراء، كما أنها لا تقبل الحجز عليها، ولا يمكن تملكها بالتقادم، إذ أن المشرع خصها بقواعد حمائية خاصة لكونها تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة بالأساس.
التعليقات - منتخبون وخبراء يتدارسون ببنجرير دور ممتلكات مجالس العمالات والأقاليم في تحقيق التنمية الاجتماعية :
عذراً التعليقات مغلقة