خديجة المرضي .. أم لثلاث أطفال وملاكمة بقفازين من ذهب أدخلت المغرب دائرة الكبار

توجت خديجة المرضي، البطلة المغربية والإفريقية في رياضة الملاكمة، الأحد 26 مارس 2023، بالميدالية الذهبية لبطولة العالم المقامة في العاصمة الهندية نيو دلهي، في الفترة الممتدة ما بين الـ15 و26 مارس 2023.

تألق البدايات

أواخر شهر غشت من سنة 2019، توجت البطلة خديجة المرضي بالميدالية الذهبية لبطولة الألعاب الإفريقية في الرباط، وبعد أقل من شهرين، توجت بالميدالية البرونزية في بطولة العالم التي أقيمت في مدينة “أولان أودي” الروسية، وكانت في الـ28 سنة من عمرها، كم تم اختيارها في حفل جوائز الإذاعة الوطنية، أفضل رياضية في المغرب لسنة 2019، حينها اعتقد البعض أن هذه الملاكمة، ابنة مدينة الدار البيضاء، حققت أقصى ما يمكن أن تصل إليه في مسارها، وستعلن قريبا اعتزالها.

في هذا السياق، تقول خديجة المرضي، في لقاء سابق مع SNRTnews: “اعتقد البعض أني حققت مرادي وأني سأعتزل خاصة بعد موجة كورونا وتوقف المنافسات، لكني قررت في نفسي أن أؤكد لهم خطأ اعتقاداتهم”.

الوضع والغياب عن الأولمبياد

شاء القدر أن تواجه خديجة المرضي، المزدادة في حي سيدي عثمان بالدار البيضاء، بعض الحواجز في مسارها الرياضي، لم تزدها إلا إصرارا وعزيمة على الاجتهاد والمضي قدما في درب التألق والنجاح.

أوائل شهر يونيو 2021، وضعت خديجة المرضي مولودتها الثالثة، الشيء الذي تسبب في غيابها عن دورة الألعاب الأولمبية التي نظمت في طوكيو اليابانية في الفترة الممتدة ما بين 21 يوليوز و8 غشت 2021، رغم أنها كانت تريد المشاركة بقوة، ولو بكعازين وقفازة واحدة، حسب ما سبق وصرحت به لـSNRTnews.

في هذه الفترة بالضبط، دعا بعض المقربين خديجة المرضي إلى الابتعاد نهائيا عن حلبات النزال والتفرغ لأسرتها، واعتقد كثيرون أنها لن تعود كما كانت في السابق وأن أقصى ما يمكن أن تصل إليه حققته حين توجت بذهبية الألعاب الإفريقية وبرونزية بطولة العالم.

العودة من بعيد

أصرت خديجة المرضي، التي تنحدر من ضواحي مدينة زاكورة، على العودة لحلبات النزال، حيث كان عهدها مع رياضة الملاكمة منذ أن كانت في الـ14 من عمرها، ونجحت، بإصرار وعزيمة في العودة للتألق من جديد، لتتوج بالميدالية الفضية في بطولة العالم في إسطنبول بتركيا، شهر ماي 2022، ثم توجت، بعد 4 أشهر، بالميدالية الذهبية في بطولة إفريقيا، شهر شتنبر 2022، في مابوتو بجمهورية الموزمبيق، وأخيرا توجت بالميدالية الذهبية في بطولة العالم بالعاصمة الهندية نيو ديلهي.

الإصرار مصدر النجاح

لم تكن خديجة المرضي، التي تعيش حاليا في منطقة البرنوصي بالدار البيضاء، لتحقق ما حققته، ولتصير أول ملاكمة عربية وإفريقية تتوج بميدالية ذهبية في بطولة العالم لولا كفاحها وإصرارها على خوض غمار التحدي مهما كانت العراقيل.

في هذا السياق تقول خديجة المرضي لـSNRTnews: “أحيانا، كانت قدماي تؤلماني فوق الحلبة، فأكون على وشك الهزيمة، لكني أقنع نفسي بأن الألم الذي أحس به، ما هو إلا وهم فقط، ليس حقيقيا، فأقوم من جديد، وأقاتل إلى الرمق الأخير، أتذكر والدتي التي توفيت وهي تشجعني، أتذكر بناتي، فأخرج كل ما في داخلي من قوة إلى الرمق الأخير، وأفوز في النهاية”.

وحسب خديجة المرضي، فإن “الهزيمة أو الفوز في الملاكمة، يظهران في عيني الملاكم قبل النزال وفي الحلبة”، موضحة: “أحيانا الملاكم ينهزم فقط حين يرى في عيني خصمه تلك الشرارة القتالية على الفوز، هذه هي الشرارة التي أحملها في عيني حاليا”.

رفض تغيير الجنسية

خلال مشاركتها مع المنتخب الوطني المغربي في الألعاب الأولمبية بالبرازيل 2016، توصلت خديجة المرضي بعروض كثيرة لتغيير جنسيتها الرياضية من دول أوروبية، لكنها رفضت، وأصرت على مواصلة الدفاع عن الراية المغربية مهما كانت الظروف.

في هذا السياق تقول خديجة المرضي: “جاءتني فرص عديدة جدا، ومغرية، من دول عظمى، مقابل مبالغ مالية خيالية، لكني رفضت، أذكر أنه حين كنا في ولاية كولورادو، في الولايات المتحدة الأمريكية، استعدادا للألعاب الأولمبية السابقة سنة 2016، زارني، في الفندق الذي كنا نقيم فيه، وفد رسمي يمثل دولة عظمى، طلبوا مني أن أمثلهم مقابل مبالغ مالية كبيرة وامتيازات وإغراءات لا تحصى ولا تعد، يمكن أن تغري أي رياضي في العالم، حينها أخرجت العلم المغربي من حقيبتي، لأنه لا يفارقني، وقلت لهم: أتشاهدون هذه الراية المغربية، لن أبيعها أو أتخلى عنها ولو مقابل كنوز الدنيا، وسأدافع عنها لآخر قطرة في دمي”.