قام وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، اليوم الثلاثاء، بآسفي، بزيارة عدة مواقع أثرية ذات أهمية تاريخية وتراثية كبيرة، إلى جانب مشاريع ثقافية وفنية موجهة للشباب.
وتندرج هذه الزيارة في إطار نهج القرب الذي دعت إليه الوزارة، والرامي إلى الاطلاع عن كثب على المؤهلات التي تزخر بها حاضرة المحيط، على الأصعدة التاريخية والثقافية والتراثية، وبالتالي دراسة مختلف الفرص المتاحة، قصد إعادة تأهيل المواقع التاريخية، التي ساهمت في تشكيل تاريخ هذه المدينة وتاريخ المغرب.
وفي هذا الإطار، قام بنسعيد، الذي كان مرفوقا برئيس مجلس جهة مراكش – آسفي، سمير كودار، وعامل إقليم آسفي، الحسين شاينان، ومسؤولين بالوزارة، ومنتخبين محليين، وشخصيات أخرى، بزيارة إلى دار السلطان، أحد أبرز المآثر التاريخية بحاضرة المحيط.
وبهذه المناسبة قدمت شروحات للوزير والوفد المرافق له، حول مشروع تدعيم الواجهة البحرية لموقع “قصر البحر” بطول 226 مترا.
ويهدف هذا المشروع، الذي تبلغ كلفته الاجمالية 139 مليون درهم، منها 110 ملايين درهم مخصصة لتدعيم وتقوية واجهته البحرية، و29 مليون لتمويل أشغال إعادة التأهيل والتجهيز، إلى تثمين هذا الموقع، وتحويله إلى متحف للتراث البحري الوطني.
وسيتم تدعيم وتقوية الواجهة البحرية لـ “قصر البحر” في إطار شراكة بين وزارة التجهيز والماء (80 مليون درهم)، ووزارة الداخلية (30 مليون درهم)، وستتم إعادة التأهيل والتجهيز في إطار شراكة بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل ومجلس جهة مراكش – آسفي وجماعة آسفي.
إثر ذلك، تابع بنسعيد شروحات حول برنامج إعادة تأهيل وتثمين المدينة العتيقة لآسفي 2022-2026، والذي يتوزع على ثلاثة محاور رئيسية، هي “ترميم وإعادة إحياء التراث الثقافي والمآثر التاريخية للمدينة العتيقة لآسفي”، و”تعزيز الجاذبية السياحية والاقتصادية للمدينة العتيقة لآسفي” و “إعادة تأهيل وتعزيز البنية التحتية وتحسين السكن بالمدينة العتيقة لآسفي”.
ويهدف هذا البرنامج، الذي خصص له مبلغ إجمالي قدره 388 مليون درهم، إلى تحسين ظروف عيش ساكنة المدينة العتيقة، وتأهيل الإطار المبني وإحداث تجهيزات جديدة، والحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي، وتحسين الجاذبية السياحية، وإعطاء دينامية جديدة للنشاط التجاري والصناعة التقليدية والسياحة، واستثمار المنشآت المعمارية والتراثية، وترميم المباني الآيلة للسقوط.
ويتعلق الأمر بورش مهم وطموح جدا بالنسبة لمدينة آسفي، حيث يرمي إلى حماية الهوية الحضرية والحضارية والحفاظ عليهما، والتي من خلالها تؤكد المدينة تجذرها التاريخي والجغرافي.
وشكلت الزيارة لدار سلطان فرصة للوزير للتعرف على التاريخ المشرق لمدينة آسفي وسمعتها البحرية عبر مينائها، وذلك في إطار معرض للوحات نظمته جمعية “ذاكرة آسفي”.
إلى ذلك، زار بنسعيد قصر الباهية الذي يعود تاريخه إلى العصر الموحدي، بالإضافة إلى المسجد الموحدي والكنيسة البرتغالية، واللذين يجسدان تاريخ وعراقة المدينة وتعاقب مختلف الحضارات عليها.
وقبل ذلك تابع الوزير شروحات حول الدراسة التقنية لترميم هذه الكنيسة والتي تهدف إلى توفير قاعدة معطيات تقنية ورسومات بيانية وصور فوتوغرافية ونصية تشكل أساسا لتجميع مشروع ترميم وإعادة تأهيل هذا المبنى الرمزي للحضارة البرتغالية في آسفي.
وشكلت زيارة بنسعيد لقصر البحر، فرصة للاطلاع على الوضع الحالي لهذا المبنى التاريخي المهم لحاضرة المحيط، الذي شيده البرتغاليون بين 1516 و 1524، والذي يتعرض للتدهور، في انتظار بدء أشغال إعادة التأهيل والتثمين.
وفي مدينة الفنون والثقافة، قام السيد بنسعيد والوفد المرافق له بزيارة قاعة متعددة التخصصات ومعهد الموسيقي، قبل التوجه إلى المتحف الوطني للسيراميك، حيث قدمت له شروحات مستفيضة حول هذا الفضاء المتحفي، الذي تم إحداثه سنة 1990، قبل أن تسترجعه المؤسسة الوطنية للمتاحف سنة 2018.
ويعد هذا المتحف حاليا من بين المتاحف الوطنية الشهيرة بفضل ثراء وتنوع مجموعته المختارة التي تتكون، أساسا، من الفخار والخزف المغربي، حيث يضم أكثر من 600 قطعة يتم الاحتفاظ بها ودراستها وعرض جزء كبير منها للجمهور.
وشملت الزيارة دار الشباب في حي العمالي، والتي شكلت فرصة لحضور سلسلة من الأنشطة الثقافية والفنية، التي يقوم بها شباب يستفيدون من فضاءات التكوين.
إثر ذلك، قام الوزير والوفد المرافق له بزيارة إلى ورش بناء مركز الاستقبال كارتينغ، حيث قدمت له شروحات حول هذا المشروع الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 40 سريرا، ويمتد على مساحة إجمالية تبلغ 4 آلاف متر مربع، منها 5ر457 متر مربع مشيدة على طابقين.
ووصلت نسبة تقدم الأشغال في هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته إلى 3 ملايين و493 ألفا و60ر929 درهما، إلى 80 بالمئة.
كما قدمت للوزير شروحات حول مشروع إحداث مخيم للعطل بالجماعة الترابية آيير.
وقال السيد بنسعيد في تصريح لقناة (إم 24) الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “إقليم آسفي يحظى بمكانة خاصة في تاريخ المملكة، وهذه المآثر التي قمنا بزيارتها اليوم ما هي إلا شهادة على هذا الدور الهام الذي لطالما لعبه الاقليم طيلة قرون”.
وأضاف أن “الوزارة، والحكومة ككل تعملان لكي يكون هناك استثمار في ترميم هذه الأماكن التاريخية التي لها مكانتها الخاصة لدى ساكنة آسفي، والمغاربة ككل”.
وأضاف “نعتبر أن الاستثمار في المآثر التاريخية له أهمية خاصة في إطار الاستراتيجية التي نشتغل عليها، لاسيما مع قطاع السياحة، الذي وقعنا معه اتفاقية مهمة لبلوغ التحدي المتمثل في أكثر من 17 مليون سائح في أفق العام 2026”.
واعتبر أن الاستثمار في المآثر التاريخية يلعب دورا مهما في الصناعة الثقافية، والتي توفر كذلك مهنا جديدة موجهة للشابات والشباب، بمن فيهم ساكنة مدينة آسفي، مسجلا أن الوزارة منخرطة اليوم في مجموعة من الاستثمارات، موجهة إلى تأهيل العديد من المواقع، ومن بينها قصر البحر ودار السلطان والكنيسة البرتغالية الواقعة في المدينة القديمة.
وكشف أن “الكنيسة البرتغالية هي الوحيدة التي شيدت أمام مسجد، وهي رسالة مهمة في حد ذاتها، مفادها أن المغرب كان دائما أرضا للسلام والتعايش السلمي بين الأديان، وينبغي أن نحافظ على هذا التاريخ في إطار أعمال الترميم التي نقوم بها في مدينة آسفي”.
من جهته، قال رئيس مجلس جهة مراكش- آسفي، سمير كودار، إن هذه الزيارة تندرج في إطار توقيع اتفاقية شراكة تهم المآثر التاريخية بمدينة آسفي، وخصوصا المعلمة التاريخية قصر البحر، التي سيتم ترميمهما وتثمينها.
وأوضح السيد كودار أن هذه الاتفاقية تجمع بين وزارة الثقافة، ومجلس جهة مراكش- آسفي، ووزارة التجهيز، مشيرا إلى أنه سيتم ترميم العديد من المآثر التاريخية المهمة بآسفي، المدينة التي يتعين رد الاعتبار لها.
التعليقات - إعادة تأهيل وتثمين المعالم الأثرية.. وزير الشباب والثقافة والتواصل بنسعيد يزور عدة مواقع أثرية بمدينة آسفي :
عذراً التعليقات مغلقة