التأم، أول أمس الاثنين بمراكش، ثلة من النخب القانونية من قضاة ومحامين وأساتذة جامعيين، خلال ندوة علمية جهوية نظمتها محكمة الاستئناف، لمناقشة قضايا ذات صلة بموضوع ضمانات المحاكمة العادلة وتحديات الممارسة في ضوء الدستور والعمل القضائي والمواثيق الدولية.
وأجمع المشاركون أن موضوع المحاكمة العادلة والضمانات المتعلقة بها في الميدان الجنائي يعد من أهم الانشغالات الحقوقية في مختلف الدول وتتابعها العديد من الهيئات والآليات الدولية المهتمة بحقوق الانسان، مبرزين أن القضاء المغربي بمختلف أصنافه ودرجاته له دور كبير في تكريس وإعمال المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة من خلال العديد من الأحكام والقرارات التي تنطق بمجموعة من المبادئ الكونية لحقوق الإنسان.
وفي هدا الاطار، أكد رشيد مليح نائب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بمراكش، أن المحاكمة العادلة بكل شروطها وضماناتها تتطلب أهم الحقوق وذلك في إطار شرعية جنائية لترسيخ الديمقراطية وارساء مجتمع العدالة والمساواة وتحقيق جزء هام من حقوق الانسان التي لها علاقة قوية بمجموعة من الحقوق الطبيعية كالحق في الحرية والكرامة والحق في العدالة والمساواة، باعتبارها قيم انسانية وأخلاقية ثابتة تسكن ضمير الانسان عبر الزمن وفي كل مكان.
وأضاف مليح أن المحاكمة العادلة تتطلب المرور بمجموعة من الاجراءات نظمتها على الخصوص المسطرة الجنائية بدء بالبحث التمهيدي مرورا بالتحقيق الاعدادي ووصولا الى المحاكمة وصدور الحكم المناسب الذي يستوجب أن يكون هو عنوان الحقيقة.
من جانبه، توقف خالد كردودي الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، في مداخلة له حول “المبادئ الأساسية لتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة”،عند المحاكمة العادلة كمبدأ مقدس في القضاء، وضمانات ومعايير المحاكمة العادلة قبل تحريك المتابعة وقبل مرحلة المحاكمة وأثناء فترة المحاكمة.
وأوضح كردودي أن المحاكمة العادلة إذا كانت تختزل مجموعة من الحقوق والضمانات القانونية والقضائية التي ينبغي أن يتمتع بها أطراف الدعوى، فإن القضاء يظل المعول عليه لتفعيل هذه الضمانات، وهو ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يؤكد عليه في العديد من المناسبات.
وأشار الى أن المحاكمة الجنائية العادلة المنصفة تعتبر أكثر لزوما في الدعوى الجنائية ، وذلك أيا كانت طبيعة الجريمة بغض النظر عن درجة خطورتها، من خلال تقييد القاضي باتباع مجموعة من الضمانات في الاجراءات التي يباشرها.
بدوره، أكد يوسف البحيري العميد السابق لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش وخبير دولي في حقوق الانسان وعضو بالمحكمة الدولية بجنيف، في مداخلة له حول “ملائمة الدستور المغربي للاتفاقيات الدولية في مجال ضمانات المحاكمة العادلة”، أن دستور المملكة تضمن مجموعة من الدعامات الأساسية لبناء دولة القانون منها التشبث بحماية حقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا وحماية منظومتي حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني مع مراعاة طابعهما الكوني ومناهضة جميع أشكال التمييز وسمو الاتفاقيات الدولية على التشريع الوطني والعمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه هذه المصادقة .
وأشار البحيري الى أن الاتفاقيات الدولية المتعلقة باستقلال القضاء التي صادق عليه المغرب، تؤكد على أن استقلال القضاء هو الضامن الأساسي لمبادئ المحاكمة العادلة، مبرزا أن الضمانات الدستورية تمنع وتعاقب التأثير على القاضي وتمنع التدخل في القضايا المعروضة على القضاء، وهي مدخل أساسي لتفعيل وتأمين إستقلال القضاء حتى يكون قادرا على القيام بدوره في ضمان شروط المحاكمة العادلة وتفعيل الأمن القضائي و العدالة الاجتماعية.
وتناولت باقي المداخلات مواضيع همت ” الرقابة على سلب الحرية” و” الطلبات الأولية والدفوع الشكلية” و” قضاء التحقيق ومبدأ المساواة في وسائل الدفاع بين أطراف الخصومة الجنائية” و” البطلان الجنائي بين النص القانوني والعمل القضائي” و” التعليل في ضوء رقابة محكمة النقض” و”تجربة المجلس الوطني لحقوق الانسان في ملاحظة المحاكمات”.
ويأتي تنظيم هذه الندوة في سياق تطبعه مجموعة من التحولات الحبلى بالعديد من المستجدات التي أسهمت في تقوية ضمانات المحاكمة العادلة، في مقدمتها دستور المملكة الذي عمل على دسترة مجموعة من المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة حيث نص بشكل صريح في الفصل 23 منه على أن قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان، وهو ما أعاد الدستور التأكيد عليه في الفصل 120 والذي نص على أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة.
التعليقات - مراكش: قضاة ومحامون يتدارسون ضمانات المحاكمة العادلة وتحديات الممارسة :
عذراً التعليقات مغلقة