مراكش.. ندوة علمية وطنية تقارب موضوع “الرسالة الكونية للمرأة في الفكر الإنساني عبر العصور”

قاربت الدورة الرابعة للندوة العلمية الوطنية لمؤسسة مولاي علي الشريف دفين مراكش، اليوم الاثنين، بالمدينة الحمراء، موضوع “الرسالة الكونية للمرأة في الفكر الإنساني عبر العصور”، وذلك بغرض إبراز دور الذاكرة الجماعية في تعزيز مقاربة النوع، وتسليط الضوء على نماذج نساء كن بحق رائدات في مجالات شتى.

ويأتي تنظيم هذه الدورة الرابعة للندوة العلمية الوطنية لسنة 2023، من طرف مؤسسة مولاي علي الشريف دفين مراكش، والتي احتضنتها رحاب متحف محمد السادس لحضارة الماء بمراكش، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وجامعة القاضي عياض، وعرفت، على الخصوص، حضور، والي جهة مراكش-آسفي، عامل عمالة مراكش، كريم قسي لحلو، احتفاء بالمرأة في سياق عيدها الأممي، تحت عنوان “الرسالة الكونية للمرأة في الفكر الإنساني عبر العصور” “جلسات في حضرة السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها”.

كما تأتي التظاهرة التي نظمت، أيضا، بتعاون مع كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش، والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش – آسفي، تعزيزا للرسالة العلمية المنوطة بالمؤسسة، “خدمة لقضايا تراثنا الثقافي والحضاري، وإسهاما في نشر الوعي الفكري الأصيل والمبدع”.

وفي كلمة بالمناسبة، نوهت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، بعقد هذه الندوة التي تصادف الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة، مذكرة بأن المرأة لعبت أدوارا هامة في “تاريخ بلادنا”. واستشهدت في هذا الاتجاه، على الخصوص، بزينب النفزاوية، زوجة يوسف بن تاشفين والدور الكبير الذي لعبته في الحياة السياسية، مبرزة الدعم الذي قدم للمرأة على امتداد التاريخ.

كما سلطت الضوء على المنجزات التي حققتها المرأة، بفضل السياسة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، على غرار مدونة الأسرة، والوثيقة الدستورية 2011، التي عملت مقتضياتها على تكريس فعلي للمساواة، والآليات القانونية والمؤسساتية المحدثة لهذه الغاية.

وكشفت أن الحكومة بلورت عدة قوانين، من قبيل المصادقة على مشروع مرسوم إحداث اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة سنة 2022، مشيرة إلى أن هذه الدينامية التي تخدم قضية المرأة ستتوج بمشروع الخطة الحكومية الثالثة للمساواة 2023-2026.

من جهته، نوه المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، سالم بن محمد المالك، بموضوع اللقاء “جلسات في حضرة السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها”، مشيرا إلى أن “السيدة خديجة رضي الله عنها وهبت نفسها وبيتها لخدمة المؤمنين ودفع الأذى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلت نفسها ومالها في خدمة السلام وبناء أمة”.

وأكد السيد سالم بن محمد المالك، في كلمة تليت نيابة عنه، أن المرأة فاعل أساسي لتحقيق مجتمعات شاملة ومندمجة، مضيفا “نسعى جاهدين لتمكين المرأة وإجلالها، وإحلالها المكانة التي تليق بها، من أجل دعم بناء أجيال أفضل للمستقبل”.

وفي هذا الاتجاه استشهد باحتفال الإيسيسكو بعام المرأة سنة 2021، لافتا إلى المبادرات التي تروم تحقيق التمكين لفائدة المرأة على غرار، مواجهة كوفيد 19، والابتكار، وريادة الأعمال.

وأشار إلى أن “عشرة بلدان إفريقية من ضمنها المغرب، استهدفتها سياسات وبرامج الإيسيسكو في هذا الباب”، مبرزا التحديات الراهنة والمستقبلية التي تعكف المنظمة والمراكز التابعة لها على الانكباب عليها، وتجعل المرأة في صلبها، من قبيل العلوم، وحماية التراث، العلوم، والتكنولوجيا، إضافة إلى محاربة الهدر المدرسي، ومناهضة العنف الممارس عليها.

وفي كلمة مماثلة قالت رئيسة جهة كلميم-واد نون، مباركة بوعيدة، إن الأمر بتعلق بـ”لقاء منتظر للغاية، وسيفضي إلى توصيات هامة تخدم قضية المرأة”، منوهة باختيار موضوع الدورة.

وأكدت  بوعيدة، وهي أيضا رئيسة جمعية جهات المغرب، أن “بناء الحضارات وازدهار الأمم رهين باضطلاع المرأة بأدوارها كاملة”، مضيفة أن تاريخ المرأة بالمغرب “ع رف بالمجد وكانت المرأة فيه من المسهمين في ملاحمه الكبرى، وفي طليعة المقاومين بفكرها في دحض الاستعمار”.

ودعت بوعيدة، في هذا الاتجاه، إلى إحداث “بنك معلوماتي للنساء اللاتي ناضلن ضد الاستعمار، وحسن استغلاله في التعريف بقضايا المرأة”، لافتة إلى الموقعة الوحيدة على وثيقة الاستقلال، مليكة الفاسي ومناقبها.

وبعدما أوضحت محورية الأدوار التي تنهض بها المرأة على كافة الأصعدة، خدمة للمجتمع، استشهدت بالترسانة القانونية المعينة على ذلك، ومن ضمنها الفصل 19 من الوثيقة الدستورية، التي ترمي إلى تفعيل أدوارها داخل المجتمع وتعزيز حضورها، مشيرة إلى المكتسبات المحققة في هذا الباب، وفق الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك السادس، والتي تتجلى أساسا في الصحة الإنجابية، والتمكين الاقتصادي.

وأفادت بأن جهة كلميم واد نون تضم 285 امرأة منتخبة، مبرزة أن النهوض بالأجيال الصاعدة وتحقيق تقدم الدولة والمجتمع رهينان بتعزيز الحضور النسوي على الساحة الرسمية، ومن ثمة الانسجام مع الطموح الجماعي في هذا الاتجاه.

وعرف اللقاء تكريم فعاليات نسائية وطنية، نظير ماقامت به هؤلاء النساء من أعمال، في تفان وغيرية ونكران للذات.