وتوصل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره حول التبليغ عن العنف ضد النساء ومناهضة الإفلات من العقاب، الذي جرى تقديمه صباح اليوم الجمعة 10 مارس بالرباط، إلى أن ارتفاع عدد الشكايات المسجلة، يعزى إلى مجهودات خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف في تشجيع التبليغ ودعم الناجيات من العنف وتوجيههن، ويعكس انعكاسات دخول قانون محاربة العنف ضد النساء الى حيز التنفيذ في توسيع قاعدة التبليغ بتجريمه مجموعة من الأفعال غير المجرمة.
غير أن المجلس توصل إلى تفاوت المحاكم من نفس الدرجة وأحيانا بين المحاكم مع اختلاف درجاتها، بخصوص تكييف مجموعة من الأفعال المتشابهة نتيجة عدم وضوح التعريفات وعدم تجريم مجموعة من الأفعال.
واستعان المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره على المعطيات التي تم تجميعها من 12 جمعية باثني عشر جهة، عاملة في مجال مناهضة العنف ضد النساء، فضلا عن المعطيات الواردة من مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي ورئاسة النيابة العامة، وكذا بناء على القضايا التي تصل إلى المحاكم.
وسجل المجلس وجود توجه نحو إعطاء الطابع الجنحي لقضايا عنف ضد النساء قد تتخذ وصف جنايات.
وشدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن القانون الجنائي لا يتضمن تعريفا واضحا لمفهومي الاغتصاب وهتك العرض كما لا يجرم الاغتصاب الزوجي بنص خاص، بينما أن قانون مكافحة الاتجار بالبشر لا يدقق مفهوم “استغلال وضعية الهشاشة في تعريف الاتجار بالبشر”، كما لا ينص على عدم مسؤولية ضحايا الاتجار بالبشر عن الأفعال غير القانونية المرتكبة تحت الإرغام أو المرتبطة مباشرة بهذا الاتجار.
ونبه التقرير إلى ضعف الخدمات الطبية المجانية المقدمة الى الناجيات من العنف والتي تقتصر على الشواهد الطبية ولا تشمل الرعاية الطبية اللاحقة وخاصة في حالة الاعتداء الجنسي، وكذا صعوبة المساطر المتعددة للتبليغ عن العنف بما فيها إشكاليات الاختصاص المكاني وتحميل النساء الناجيات من العنف والضحايا عبء الاثبات يؤثر على مسار التبليغ.
و توصل إليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى أن تنازل الضحايا عن الشكاية في قضايا العنف القائم على أساس النوع، ينعكس على مآل القضية وعلى العقوبة المحكوم بها بغض النظر عن نوعية القضية وما إذا كانت من الجرائم العادية أو جرائم الشكايات وهو ما يزيد من فرص تعريض الضحايا لضغوطات للتنازل ويسهم في الإفلات من العقاب.
ما الحل؟
يوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره، باستبدال مصطلحي الاغتصاب وهتك العرض بمصطلح “الاعتداء الجنسي” الشامل لكل أشكال الاعتداء بالإكراه على أي جزء من جسد الضحية، بما في ذلك الإيلاج باستخدام أدوات، بغض النظر عن جنس الضحية وجنس المعتدي، وتجريم الاغتصاب الزوجي، وتجريم إكراه الغير على القيام بدون رضاه بأفعال ذات طبيعة جنسية مع شخص ثالث.
ودعت الهيئة الحقوقية بإعادة النظر في تصنيف جريمة الاغتصاب واعتبارها جريمة ضد الحق في الأمن الشخصي والسلامة البدنية والجنسية والنفسية للأفراد، وليس كاعتداء على الأسرة والأخلاق، فضلا عن إعادة تعريف “التحرش الجنسي” باعتباره شكلا من أشكال التمييز ضد المرأة بتوضيح مفهوم الإمعان.
وأوصى المجلس بإعادة تعريف جريمة “التمييز” وفق التعريف الوارد في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد ّ المرأة التي تعرفه بأنّه كل “تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل”.
وشدد المجلس على تحديد أمد تقادم الدعوى العمومية بالنسبة لجرائم العنف ضد النساء في فترة كافية ومتناسبة حسب خطورة الجريمة المرتكبة، وظروف الضحية.
وأبرز المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أنه من الضروري إحداث صندوق ائتماني لجبر ضرر ضحايا العنف القائم على أساس النوع في حالة تعذر التنفيذ على المحكوم عليهم، إلى جانب وضع آلية للتكفل الطبي والنفسي والقانوني لضحايا أشكال الاعتداء والعنف الجنسي.
وأوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المؤسسات المتدخلة في قضايا العنف ضد النساء بضرورة رفع عدد خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف ودعم مهامهم بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف وبالمصالح المركزية واللاممركزة للقطاعات المكلفة بالصحة وبالشباب وبالمرأة وكذا للمديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي بما يكفل توجيه الضحايا بشكل فوري.
التعليقات - التبليغ عن العنف ضد النساء بالمغرب .. وضع 75 ألف شكاية :
عذراً التعليقات مغلقة