عاشت جهة مراكش-آسفي خلال سنة 2022 على وقع دينامية اقتصادية موطدة، مما يؤكد أن التبعات السلبية لوباء كوفيد-19 على التنمية الاقتصادية الجهوية انمحت وتلاشت تدريجيا.
هكذا استعادت جل القطاعات الاقتصادية عافيتها في هذه الجهة، لاسيما السياحة، التي تعتبر أول قطاع مدر لفرص الشغل والثروة بمراكش-آسفي.
كما يتواصل تدفق الاستثمارات المباشرة بالجهة، مسجلا تطورا ملموسا، وعلى الخصوص بمدينة مراكش، التي تشهد إقبالا قويا للمشاريع الاستثمارية، لا سيما في قطاعي السياحة والعقار، ومرد ذلك الإشعاع الدولي للمدينة ومناخها ونمط العيش بها.
وتميز العام الذي يدنو من نهايته، بإحداث مشاريع صناعية واسعة النطاق، مما يثبت صمود هذه الوجهة الاقتصادية من حيث جذب الاستثمار.
وتظهر النوعية كما القطاعات المعنية بهذه المشاريع، تنوع النسيج الاجتماعي والاقتصادي الجهوي، مما يعزز استراتيجية (الصمود والتعافي وإعادة الابتكار) التي تم إطلاقها منذ بداية الوباء في هذه الجهة.
وبلغة الأرقام، سجل المركز الجهوي للاستثمار مراكش-آسفي إنشاء مامجموعه 5137 مقاولة خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2022، مما مكن من إحداث أكثر من 19 ألف فرصة عمل، باستثمارات إجمالية قدرت في 1323 مليون درهم.
وفيما يتعلق بالمشاريع الاستثمارية، سجلت اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، خلال الفترة من يناير إلى شتنبر 2022، تباينا بأكثر من 70 بالمئة في عدد المشاريع المقدمة للهيئة السالفة ما بين سنتي 2021 و 2022، أي ما يناهز 15 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مما سيحدث أكثر من 12000 فرصة عمل.
وتأتي هذه الأرقام، التي جاءت نتيجة سياسة إرادية لإعادة دينامة العقار الصناعي، لاسيما من خلال استعادة القطع الأرضية غير المقيمة في المجمعات الصناعية بالجهة، وتبعا لإرساء دفتر تحملات ملزم أكثر، لتؤكد دينامية التعافي التي عرفها هذا الجزء من التراب الوطني منذ بداية سنة 2022.
واعتبر مدير المركز الجهوي للاستثمار مراكش-آسفي بالنيابة، محمد أمين سبيبي، هذه النتائج ثمرة الاستراتيجية المندمجة التي وضعها المركز، بتنسيق مع المعنيين، وفقا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وأكد في حوار لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الاستراتيجية تولي اهتماما خاصا لتزويد المستثمرين بالبيانات الاقتصادية اللازمة لاتخاذ أي قرار، وتروم الترويج للعرض الجهوي، والارتقاء ببنيات الاستقبال، مع ضمان الاستدامة والدعم بشأن إعادة الاستثمار، مشيرا إلى أن المركز عمل منذ دخول القانون 47-18 حيز التنفيذ، على تفعيل خطة عمله، وإطلاق برامج ومبادرات تهدف بشكل خاص إلى تحسين مناخ الأعمال بالجهة، وتطوير العرض الجهوي و الترويج له، ومواكبة المنظومة الاقتصادية الجهوية في استثماراتها وفي إرادتها بخصوص دعم إحداث المقاولات.
وكشف في هذا الاتجاه أن المركز الجهوي للاستثمار مراكش-آسفي واصل جهود الضبط القطاعي، من خلال إجراء دراسات داخلية حول فرص الاستثمار، وسير الولوج إلى هذه البيانات، من خلال إحداث منصة للجمهور، يتم تحيينها شهريا، والتي تتتبع الأرقام الرئيسية للجهة، واستثماراتها وإحداث المقاولات بها. وتابع أن المركز الجهوي للاستثمار مراكش-آسفي عمل على تحفيز وتثمين فضاءات استقبال الاستثمار من خلال تنظيم دعوات لاقتراح مشاريع، بشراكة مع المؤسسات الشريكة والسلطات المحلية، لمشاريع تهم الصناعة والسياحة الإيكولوجية، كما اتخذ خلال سنة 2022، إجراءات ومبادرات لتعزيز وثوقية علامة الاستثمار الجهوي من خلال تنظيم “أيام المستثمر” في آسفي والرحامنة ومراكش، وهي بمثابة مناسبات موجهة بشكل خاص للترويج لـ “نقاط البيع الفريدة” لكل إقليم والقطاعات الرئيسية ذات الإمكانات العالية.
وأضاف “مكنت استراتيجية المركز الجهوي للاستثمار مراكش-آسفي، خلال سنة 2022 والتي عبأت جميع المعنيين حول نهج ذكاء جماعي، من تنفيذ العديد من الإجراءات والمبادرات الهادفة إلى بناء الصورة، وإعداد عرض تنافسي مندمج، والترويج الاستباقي لوجهة الاستثمار”، مؤكدا أن هذه المؤسسة العمومية المنذورة لتشجيع الاستثمار على المستوى الجهوي، سهرت أيضا على دينمة البيئة الاقتصادية الجهوية والاضطلاع بمهمتها المتمثلة في تحفيز فرص الاستثمار بمراكش-آسفي، سواء من خلال برامج مواكبة المقاولين، أو من خلال الأيام التحسيسية في مجال ريادة الأعمال وإحداث المقاولات، على غرار أيام المستثمر، من أجل تقديم منصات الاستقبال ومنافذ للاستثمار، إضافة إلى عقد جلسات حوار بين القطاعين العام والخاص، مع تمثيل الجهة في مختلف المعارض الوطنية والدولية المخصصة للدينامية الاقتصادية.
وفي هذا السياق، سلط السيد سبيبي الضوء على هذه التعبئة الجماعية على المستويين الوطني والجهوي بغرض التخفيف من الآثار السلبية لوباء كوفيد19 على النسيج الاقتصادي والتغلب على هذا الوضع غير المسبوق، مشيرا إلى أن جميع الجهات الجهوية الفاعلة سواء العمومية أوالخاصة اجتمعت شهريا حول قاعة اجتماعات رقمية، برئاسة والي الجهة، من أجل استيعاب الصعوبات التي يواجهها الفاعلون، وإيجاد حلول بديلة وتفعيل استراتيجيات “القفزة” للتغلب على التحديات، ولجني ثمار السياق وتحويله إلى فرص وحسن اغتنامها.
واستشهد بمجال السياحة، حيث استفادت الجهة من هذا الوباء، لإعادة التفكير في تموقعها والتكيف مع الطلب المتزايد من خلال الاستناد على نوع آخر من التجارب (السياحة الإيكولوجية)، كما تم بشراكة مع المجلس الجهوي للسياحة، وبتعاون مع جميع الشركاء، إحداث مسارات السفر (جبال وصحاري ومحيطات)، أما بالنسبة للصناعة، فعمل المركز الجهوي للاستثمار مراكش-آسفي على دعم المرونة الكبيرة للمصنعين الجهويين، الذين استطاعوا بسرعة تحويل أنشطتهم إلى الاحتياجات الملحة للوباء (إنتاج الأقنعة والمطهرات…).
وفيما يتعلق بآفاق سنة 2023، تراهن خطة عمل المركز الجهوي للاستثمار مراكش-آسفي للعام المقبل على ضمان تعافي ريادة الأعمال وتجعلها ضمن أولوياتها الرئيسية، إضافة إلى تعزيز هياكل المقاولات الصغرى والصغيرة جدا، إضافة إلى تحديد التحديات التي يواجهها المستثمرون، والمعرفة المعمقة بالمنظومة الاقتصادية الجهوية وتحسين مناخ الأعمال.
كما ستشهد جهة مراكش-آسفي، علاوة على ذلك، تنظيم عدة قافلات خلال سنة 2023 تركز على الترويج للجهة، على غرار قافلة “فخر الانتماء” وقافلة “التحسيس”.
وستحتضن عمالة وأقاليم الجهة من جهتها، نسخا جديدة من قافلة ريادة الأعمال، اعتبارا من يناير المقبل، بالإضافة إلى تنظيم نسخة جديدة من معرض ريادة الأعمال الرقمية، وذلك لمواكبة برنامج الإدماج الاقتصادي للشباب.
وسيستفيد المستثمرون من مغاربة المهجر، من جانبهم، من الاجتماعات عن بعد مع خبراء المركز الجهوي للاستثمار مراكش-آسفي.
/
التعليقات - سنة 2022 .. الاقتصاد الجهوي بمراكش-آسفي على وقع الانتعاش خلال مرحلة ما بعد كوفيد-19 :
عذراً التعليقات مغلقة