مراكش : تعثر أشغال مشروع تتمين المدينة العتيقة يزعج السكان والتجار

أثار تعثر الأشغال التي تعرفها مجموعة من أحياء المدينة العتيقة لمراكش، وعدم التزامها بالآجال المحددة في إطار برنامج الحاضرة المتجددة، وتتمين المدينة العتيقة غضب فعاليات مدنية وحقوقية بالإضافة إلى عدد من سكان المدينة الحمراء، جراء الأضرار التي خلفتها عملية حفر الأزقة وإعادة ترميم جدران المنازل والمحلات التجارية.

وتزداد الأشغال الجارية تعقيدا بالفضاء التاريخي لسوق الخميس وعلى امتداد الممر أمام الثانوية الإعدادية أحمد شوقي والمركب السوسيوثقافي التي أصبح الولوج إليه صعبا، بفعل عشوائية الأشغال وتهديدها للمارة وعمال البناء دون الحديث عن الأشغال الترقيعية المشوبة بالارتجالية في أحياء باب دكالة وباب غمات وغيرها من إحياء المدينة العتيقة دون توفير شروط أمن الاوراش كونها داخل المدينة العتيقة ذات الكثافة السكانية العالية والازقة الضيقة.

وكانت سائحة تحمل الجنسية الاسبانية، أصيبت الاثنين الماضي، بجروح متفاوتة الخطورة في إحدى رجليها بعد سقوطها بفعل إحدى الحفر التي خلفتها أشغال الترميم الجارية في إطار مشروع تتمين المدينة العتيقة بالشارع الرئيسي لحي القنارية المحادي لساحة جامع الفنا التاريخية، بعد تركه مليئا بالحفر جراء تأخر المقاولة المسؤولة عن الأشغال في إتمام استبدال الأحجار اللاصقة، وهو ما أثار حفيظة التجار والمارة، حيث تسبب ذلك في العديد من الحوادث.

وأوضح مجموعة من المتضررين، أن الارتجالية والعشوائية  في الأشغال حولت مختلف المشاريع إلى مصدر قلق و ضرر للساكنة والتجار بمختلف الأحياء، مطالبين بفتح التحقيقات وترتيب الجزاءات القانونية في تعثر المشاريع وإخفاقها في توفير بنيات تحتية وخدمات تستجيب للمطلوب وروح الشفافية والنزاهة.

وعبر عمر اربيب، عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة، عن أسفه لوضعية الاوراش المذكورة سواء تعلق الأمر بمشروع الحاضرة المتجددة او مشروع تأهيل المدينة العتيقة، مطالبا بضرورة التسريع في انجاز كل المشاريع في آجال معقولة ووقف كل أساليب الارتجالية والعشوائية.

وأشار إلى أن المزج بين المشروعين وتنفيذهما في الوقت نفسه، خلق نوعا من الارتباك والفوضى، مؤكدا ان المشروعين لم يكن لهما اي تاثير ايجابي باستثناء حالات قليلة ببعض المدارات السياحية.

وسبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، أن أصدرت تقريرا مفصلا في نونبر 2017 حول تعثر برنامج “مراكش الحاضرة المتجددة”، ضمنته بملاحظاتها حول الكلفة المالية لبعض الانجازات وعدم احترام المعايير العلمية والتقنية والفنية في ترميم بعض المآثر التاريخية، مشيرة الى أن هذا البرنامج الذي خصصت له ميزانية ضخمة في حدود 6,3 مليار درهم، انطلق سنة 2014 وكان مقرر له أن ينتهي مع نهاية 2017، ولازال مستمرا بعاهاته وتشوهاته التقنية والفنية سواء فيما يتعلق بعمليات ترميم المآثر التاريخية او شروط عمل عمال الأوراش وضمان سلامتهم اثناء القيام بالأعمال المطلوبة منهم.

وكانت الوكالة الحضرية لمراكش، أحدتث “خلية المدينة القديمة”، من أجل المحافظة على المدينة العتيقة للمدينة وصيانة موروثها الثقافي والتاريخي، المادي واللامادي، حيث عهد إليها تتبع الدراسات المتعلقة بالمشاريع التنموية الكبرى بالمدينة العتيقة لمراكش والمساهمة في إعداد وثائق مرجعية للمحافظة على الموروث التاريخي والحضاري.

ومنذ إحداثها، شرعت “خلية المدينة القديمة” في إعداد ميثاق الهندسة المعمارية للمدينة العتيقة لمراكش، من أجل الحفاظ على الخصوصيات المعمارية والعمرانية الأصلية للمدينة العتيقة وتتمين العناصر الهندسية المحلية، والذي يشكل دليلا مرجعيا وتوجيهيا لجميع المتدخلين والفاعلين، قصد أخده بعين الاعتبار أثناء انجاز التصاميم المعمارية للبنايات بالمدينة القديمة وكذا خلال القيام بعمليات التهيئة والترميم.

كما عملت “خلية المدينة القديمة” وفق رؤية شمولية على إعداد مشروع تصميم التهيئة وإنقاذ المدينة العتيقة لمراكش، الذي يشمل مقاطعة مراكش المدينة وجماعة المشور القصبة داخل الأسوار، وهو مشروع يرمي إلى المحافظة  على هذا التراث التاريخي العريق وصيانة الذاكرة المراكشية وتتمين الموروث اللامادي والثقافي والحضاري الأصيل، في احترام تام للمعايير الدولية للمحافظة على الأنسجة العتيقة المصنفة، باعتماد مقتضيات تعميرية محينة ومرنة وقادرة على تشجيع الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، وتأطير أفضل للتدخلات العمرانية والمعمارية.

وحظيت المدينة العتيقة لمراكش، بعدد من البرامج التنموية الكبرى لتعزيز جاذبيتها الاقتصادية والسياحية كوجهة عالمية متميزة، ويتعلق الأمر بكل من برنامج “مراكش الحاضرة المتجددة 2014 – 2017″ وهو برنامج طموح يعكس إرادة جلالة الملك محمد السادس القوية في ضمان تطور متوازن ومندمج ومستدام للمدينة الحمراء، والذي من شأنه الارتقاء بها إلى مستوى الحواضر العالمية الكبرى، وبرنامج ” ترميم وتأهيل المدارات السياحية والروحية 2017-2019″ الرامي إلى حماية مختلف معالم الذاكرة الوطنية والنهوض بالرأسمال اللامادي والروحي والثقافي والمعماري لمدينة مراكش، إضافة إلى برنامج “تتمين المدينة العتيقة لمراكش 2018-2022” الذي يهدف الى تتمين المآثر التاريخية وتأهيل مجموعة من الفنادق العتيقة وتأهيل القساريات القديمة وترميم الواجهات.