جاء مشروع قانون جمع وتوزيع التبرعات لتشجيع العمل الخيري وتنظيمه عبر تبني قواعد حكامة جيدة مبنية على ضمان الشفافية في عمليات جمع التبرعات وتوزيع المساعدات، من خلال تفعيل دور وسائل الدولة في التتبع والمراقبة بشكل يحافظ على البعد الإنساني لها ويضمن عدم توجيهها لخدمة أهداف مشبوهة، وفق وزير الداخلية خلال تقديمة للمشروع.
ضمان الشفافية
قال محمد الغالي، أستاذ السياسات العامة بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن مشروع القانون السالف الذكر يُعد نقلة نوعية في اتجاه مأسسة العمل الخيري الذي يعتبر من القيم المميزة للمجتمع المغربي، حيث سيحسم الجدل في مجموعة من الفراغات القانونية التي كانت تُستغل لأهداف غير مشروعة.
وأوضح محمد الغالي، في تصريح لموقع ـSNRTnews، أن من شأن تنظيم “الإحسان العمومي” أن يقطع الطريق على مستغلي هذه الأنشطة النبيلة في أهداف ومطامح شخصية، من قبيل تحقيق مصالح انتخابية، أو النصب والاحتيال عبر الاسترزاق من آلام ومآسي بعض الأشخاص والأسر.
وحصر مشروع القانون السالف الذكر دعوة العموم للتبرع في جمعيات المجتمع المدني دون غيرها، ما عدا إذا كان الهدف تقديم مساعدات عاجلة في حالة الاستغاثة، مشددا على إلزامية إيداع الأموال المتحصل عليها من العموم في حساب بنكي مخصص لهذه العملية مع منع الاستمرار في تلقي التبرعات به خارج المدة المخصصة لجمع التبرعات.
إرجاع الثقة
وأبرز أستاذ السياسات العامة بجامعة القاضي عياض بمراكش أن تنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، سيساهم في زيادة الثقة عند المتبرعين الذين سيكون بإمكانهم التأكد من وصول أموالهم إلى الأهداف المرصودة لها.
وتم في الآونة الأخيرة تسجيل مجموعة من الحالات التي تعرض فيها متبرعون للنصب، بعضها لا يزال بين يدي القضاء، مما جعل مجموعة من المواطنين يعزفون عن العمل الخيري مخافة الوقوع ضحية للاحتيال.
ونص مشروع القانون على إعطاء الصلاحية للإدارة بصفة عامة، وللسلطة الإدارية المحلية المختصة ترابيا بصفة خاصة، لتتبع ومراقبة جميع مراحل عمليات جمع التبرعات من العموم وعمليات توزيع المساعدات.
وألزم الجهة المنظمة لهذا النوع من العمليات بموافاة الإدارة بتقرير مفصل حول سير عملية جمع التبرعات وكذا بجميع الوثائق والمعلومات التي تثبت تخصيص مجموع الأموال المتبرع بها للأغراض المعلن عنها، فضلا عن إلزام الجهة الموزعة بموافاة الإدارة بجميع المعلومات والوثائق المتعلقة بتوزيع المساعدات وتوضيح القيمة المالية التقديرية للمساعدات المزمع توزيعها مع تحديد مصادر تمويلها.
تقوية الترسانة القانونية
حصر مشروع القانون الغاية من جمع التبرعات من العموم في تمويل إنجاز أنشطة أو مشاريع ذات صبغة اجتماعية أو إنسانية أو تضامنية أو خيرية أو ثقافية، وتقديم المساعدات أو الإعانات للأشخاص في وضعية احتياج أو حالة استغاثة أو للمؤسسات الاجتماعية غير الربحية المحدثة بصفة قانونية سواء داخل المغرب أو خارجه.
وفي هذا السياق، أفاد محمد الغالي بأن من شأن مقتضيات هذا النص القانوني منع التمويلات المشبوهة، التي تكون موجهة لجماعات متطرفة، أو التي تُستغل في الجريمة المنظمة من قبيل تبييض الأموال.
وتابع أن مشروع القانون السالف الذكر سيُكمل الترسانة القانونية المغربية، فقد راعى مظاهر القصور بالقانون رقم 004.71 المتعلق بالإحسان العمومي، المتمثلة عموما في غياب ضوابط كافية تهم علمية التماس هذا الإحسان وعدم شموله للوسائل التقنية الجديدة كالرسائل الجديدة والبريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية والإذاعة والتلفزة وعدم تحديد الأضرار اللاحقة بالأغيار خلال هذه العمليات، فضلا عن عدم تضمنه قواعد مراقبة كيفية صرف المداخيل المتحصل عليها من هذه العمليات.
ووفق مشروع القانون، فإنه يعاقب بغرامة من 50 ألف إلى 100 ألف درهم كل شخص دعا العموم إلى التبرع خارج إطار جمعية أو عدة جمعيات مؤسسة بصفة قانونية ومسيرة طبقا لأنظمتها الأساسية، كما تُعاقب بغرامة من 100 ألف إلى 500 ألف درهم، المؤسسة الصحفية أو الإعلامية أو مؤسسة أو جهة أخرى كيفما كانت طبيعتها تنشر أو تبث إعلانات تدعو العموم إلى التبرع وجمع التبرعات خلافا لأحكام هذا القانون.
التعليقات - الإحسان العمومي .. مشروع قانون لإرجاع الثقة ومنع الاحتيال :
عذراً التعليقات مغلقة