جاء تأسيس مرسى الصويرة سنة 1765م لحصر مجال النفوذ الأجنبي وتحديد حجم المبادلات ولتسهيل تحصيل مداخيل التجارة الخارجية عن طريق السلطات مباشرة، التي كانت من قبل يستولي عليها الزعماء المحليون بالجنوب، وأصبحت قوافل الإبل تأخذ طريقها إلى ميناء الصويرة حاملة سلع السودان عبر مجموعة من النزالات، وأسس السلطان سيدي محمد بن عبد الله هذه المدينة لأهمية موقعها الاستراتيجي كمدينة تتوسط المغرب، وهذا ما جعل هذا الموقع يحظى بأهمية لدى السلطان، الذي راهن على اشعاعها الاقتصادي و التجاري في علاقة المغرب بأوربا وإفريقيا.
واهتم السلطان سيدي محمد بن عبد الله بتشييد مرافق وبنيات المدينة، لتتلاءم مع الدور التجاري المنوط بها، وتعتبر تحصينات السقالة إحدى أهم المآثر التاريخية الشاهدة على قوة المغرب العسكرية حيث شيدت خلال القرن 18م، لتكون حصنا منيعا ضد القوى الأوربية المتربصة على السيادة المغربية بالمحيط الأطلسي، حيث تمكن السلطان سيدي محمد بن عبد الله من إنشاء العديد منها بالمدن الساحلية المغربية، وتحتوي السقالة على مدافع البارود النحاسية التي تعطي لوحة جميلة في تفاعل مع أصوات نورس موكادور وزرقة المحيط الأطلسي، وأسهمت وظيفتها العسكرية في الصد لمحاولات احتلال فرنسا للمدينة عقب القصف الشهير سنة 1844م، ونظرا لأهمية فضاءات عاصمة الرياح التاريخية، فقد صنفت منظمة اليونيسكو معالم المدينة ضمن التراث العالمي للإنسانية سنة 2001م، وهي مبادرة أسهمت في تثمين التراث المعماري للمدينة والحفاظ عليه من آثار تدخل الإنسان والتغيرات المناخية، لتكون مزارا للسياح المغاربة والأجانب، فالتراث المادي للمدينة زاخر بالعديد من المعالم العمرانية الشاهدة على تاريخ مدينة الصويرة، وتحتاج إلى تظافر الجهود من طرف المتدخلين من أجل التعريف بها بوضع دليل شامل بجميع اللغات يهم الخصائص العمرانية لهذه المعالم، وقد ساهمت وزارة الثقافة مؤخرا في تهيئة فضاء السقالة ليكون في مستوى تطلعات زوار المدينة، رغم أن تداعيات جائحة كورونا، قد ألقت بظلالها على التنمية السياحية بالمدينة والإقليم، وتحتاج إلى جرعة لاحياء القطاع السياحي بالمدينة، الذي تشكل المآثر العمرانية التاريخية جزءا مهما من هذه الدينامية السياحية.
التعليقات - التراث المعماري لمدينة الصويرة وأهميته في التنمية السياحية: سقالة المدينة نموذجا :
عذراً التعليقات مغلقة