الدكتور ميلود بلقاضي: بعد كارثة آسفي يجب محاسبة رئيس الحكومة ووزير الصحة والمديرة الجهوية والمدير الإقليمي ومدير مستشفى محمد الخامس

من عادتي ان لا اتدخل او اكتب على قضايا جهوية او إقليمية او محلية لسبب بسيط هو قناعتي ان اهل مكة ادرى بشعابها، لكن في كارثة اسفي الصمت يعتبر جريمة، وعدم التنديد بما وقع يعد خيانة، وعدم المطالبة بمحاسبة المسؤولين من رئيس الحكومة ووزير الصحة والمديرة الجهوية والمدير الإقليمي ومدير المستشفى والسلطات المحلية والهيات المنتخبة لما جرى بمستشفى اسفي يعد تواطؤا.
لأنه لا يقبل لا دستوريا ولا حقوقيا ولا قانونيا ولا إنسانيا ولا أخلاقيا ان ترى مواطنين مغاربة يموتون وسط مستشفى عمومي امام امهاتهم وابائهم واخواتهم واخوانهم دون ان تصدم او تثور او تندد او ترفض ان ترى مثل هذه المشاهد المؤلمة ما بعد دستور2011 .
اثناء وبعد الحادثة توصلت بعدة فيديوهات وصور من داخل مستشفى محمد الخامس اسفي لنساء ولرجال يموتون يستنجدون وسط عويل وصراخ والم وعجز عائلاتهم المقهورة على امرها.
رجال نساء اباء وأمهات شباب وشابات وحتى أطفال يبكون ويصرخون وهم يرون واحدا منهم او من عائلاتهم او أقاربهم يموت امامهم وهم عاجزون لا يملكون الا البكاء والدموع. صعب ان تتحمل مثل هذه المشاهد الصادمة وانت بمستشفى محمد الخامس باسفي المدينة التي أصبح سكانها لا يجدون حتى سريرا بالمستشفى او قارورة أوكسيجين او طبيبا يفحصهم او دواء يقلل من آلامهم.

رأيت فيديوهات وصور لنساء ولرجال يواجهون الموت بمستشفى بدل ان يكون فضاء للعلاج اصبح فضاء للموت بمدينة غنية، الصور والفيديوهات والاتصالات التي توصلت بها تأثرت بها كثيرا ، وجعلتني اثور على الوضع الصحي بالمغرب عموما وبمدينة اسفي خصوصا ومتسائلا: اين هي المنهجية الاستباقية لحماية أرواح المغاربة في ظل جائحة كورونا؟

الم يكن مدير المستشفى ورئيس القسم والاطباء والممرضين بعلم انعدام او قلة قارورات الاوكسجين بالمستشفى؟ لماذا لم يكن هناك تدخل سريع لإنقاذ هؤلاء المرضى الضعفاء المساكين ؟

اين هي اللجنة التقنية المكلفة بملف جائحة كورونا؟ لماذا لم يتخذ المدير الجهوي والمدير الإقليمي ومدير المستشفى كل الإجراءات الاحتياطية في حالات الاستثناء الخطيرة؟

اين كانت السلطات المحلية لتقوم بدور المراقبة والتدخل السريع؟ اين كانت الهيآت المنتخبة؟ اين وأين؟ لماذا لم يفتح تحقيق عاجل وتشكيل لجن للتحقيق في سبب وفاة هؤلاء المواطنين بهذه الطريقة البشعة؟؟ ولو كان مسؤولا كبيرا بالمدينة هل كانت ستتعامل معه السلطات بهذا الشكل؟الكل بعد وفاة 11 مواطنا كان ينتظر ان يتحرك رئيس الحكومة ووزير الصحة والمديرة الجهوية وعامل الإقليم والمنتخبون الى عين المكان، واتخاذ القرارات اللازمة لكن مع وقع هو في حد ذاته إهانة واحتقار لهؤلاء الموتى ولعائلاتهم .حيث لم يتحرك أي مسؤول او يتحدث الا اصدار بلاغ كله تناقضات من المديرية الجهوية لمراكش، بلاغ بئيس في شكله وفي مضمونه وكآن الحادث يكفيه اصدار بلاغ.في مثل هذه الظروف، وحسب حجم الكارثة كان على رئيس الحكومة ووزير الصحة والمديرة الجهوية ان يطيروا الى اسفي على الأقل احتراما لهؤلاء الضحايا والوقوف بعين المكان على هول الكارثة والمطالبة في حين بفتح تحقيق عاجل ومعاقبة كل مسؤول عن هذه الكارثة.لو وقع مثل هذا الحادث الذي وقع بمستشفى من مستشفيات مدن المغرب النافع لتحرك أعضاء الحكومة والاعلام وجمعيات الحقوقية وقامت القيامة.لكن ان يقع الحادث بمدينة بالمغرب العميق هي اسفي فالأمر لا يستحق الا بلاغا من المديرية الجهوية انه الظلم الاجتماعي والتمييز الجغرافي.بلاغ المديرية الجهوية للصحة بجهة مراكش أسفي ينفي وفاة عدد من مرضى “كورونا” بسبب نقص الأوكسجين في آسفي بل ناتجة عن مضاعفات المرض دون ان تقدم أي دليل علمي وعملي على ذلك عكس ما تؤكده عائلات الضحايا بالصوت وبالصورة ، والغريب في الامر ان يؤكد بلاغ للمديرية الجهوية للصحة بمراكش آسفي أنه تم تزويد المستشفى الإقليمي محمد الخامس بآسفي بالتجهيزات الضرورية من أجل التكفل بمرضى كوفيد-19، بما فيها الأوكسجين، مشيرا إلى أن جميع حالات الوفاة التي سجلتها الجهة “ناتجة عن مضاعفات المرض”.انه التناقض الصارخ في البلاغ، إذا كانت وفاة المرضى الذين توفوا رحمة الله عليهم نتيجة مضاعفات المرض، فلماذا أكد بلاغ المديرية الجهوية للصحة بمراكش آسفي أنه تم تزويد المستشفى الإقليمي محمد الخامس بآسفي بالتجهيزات الضرورية من أجل التكفل بمرضى كوفيد-19، بما فيها الأوكسجيناليس هذا البلاغ تأكيد على وفاة هؤلاء بغياب الأوكسيجين؟ والا ما الحاجة الى تزويد المستشفى بالأوكسيجين بعد هذه الكارثة بالذات؟هل قامت المديرية الجهوية بتشريح هؤلاء المتوفون للقول بانهم توفوا بسبب مضاعفات صحية وليس بعدم وجود الأوكسجين؟ عكس ما صرح به أولياء المتوفون؟ لماذا اصدرت المديرية الجهوية بلاغها قبل فتح تحقيق تحت النيابة العامة لمعرفة الأسباب الحقيقية ؟ ولماذا تم اغلاق الملف؟ ووووونحن هنا لا نجلد الذات ونحن نعرف اننا نعيش ظروفا صعبة واستثنائية بسبب جائحة كورونا، لكن ما رأيناه من لايفات وفيديوهات وصور وتصريحات يدعونا للتساؤل اين هي الحقيقة؟ هل هؤلاء المرضى ماتوا نتيجة مضاعفات صحية ام نتيجة عدم وجود الأكسجين ؟ وما هي هذه الامراض التي كانت سبب وفاتهم؟ ولماذا لم يتم معالجتهم او نقلهم الى مستشفيات الجهة؟

على كل امام هول الحادث ولو كنا بدولة ديمقراطية وتم تطبيق المبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة لاستقال رئيس الحكومة ووزير الصحة والمديرة الجهوية والمدير لإقليمي ومدير مستشفى محمد الخامس وتم فتح التحقيق معهم لأن هؤلاء هم المسؤولون عن صحة المواطن سواء مات بمضاعفات مرضية او بعدم وجود الاوكسجين
دستوريا رئيس الحكومة ووزير الصحة والمديرة الجهوية للصحة والمدير الإقليمي ومدير المستشفى ورئيس قسم الإنعاش والسلطات العمومية والهيآت المنتخبة يتحملون المسؤولية ما دام ان الفصل 20 من الدستور قد نص ان الحق في الحياة هو اول الحقوق لكل انسان ويحمي القانون هذا الحق.
وان الفصل 22 قد نص أيضا انه لا يجوز المس بالسلامة الجسدية او المعنوية لأي شخص في أي ظرف ومن أي جهة كانت خاصة او عامة، كما نص نفس الفصل انه لا يجوز لاحد ان يتعامل تحت أي ذريعة معاملة قاسية او لا إنسانية او مهينة او حاطة بالكرامة الإنسانية .
اما الفصل 31 فهو واضح من ضرورة تحمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق من الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والعناية الصحية.
لذى، أقول كيفية وفاة هؤلاء المواطنين بمستشفى عمومي والطريقة التي تعامل بها رئيس الحكومة ووزير الصحة والمديرة الجهوية للصحة والمدير الإقليمي ومدير المستشفى ورئيس قسم الإنعاش والسلطات العمومية والهيآت المنتخبة مع وفاة هؤلاء هي كيفية مهينة وحاطة بالكرامة الإنسانية ويجب فتح تحقيق لمحاسبة هؤلاء المسؤولين من رئيس الحكومة الى اخر موظف له علاقة بالكارثة التي عرفها مستشفى محمد الخامس بأسفي.
رئيس المرصد المغربي لدراسات الاستراتيجية والسياسية