دعا العديد من الفعاليات النشيطة في الساحة الثقافية والجمعوية بآسفي، المسؤولين على مستوى المحلي والإقليمي والجهوي، للتدخل بشكل عاجل لتأهيل الخلوة التاريخية للشيخ الجزولي بمدينة آسفي صيانة للذاكرة التاريخية للإقليم.
وتأتي الدعوة للتأهيل خلوة الشيخ الجزولي، بعد تأهيل كورنيش آسفي المجاور لهذه المعلمة التاريخية، مشددين على ضرورة إعادة الاعتبار لها من خلال ترميمها وتحويلها إلى مركز إشعاع ثقافي وفني عوض تركها تقاوم عوامل الاندثار وطمس جزء من ذاكرة المدينة.
وذكرت الفعاليات الفكرية بآسفي، بالدور التاريخي لهذه المعلمة العريقة ، موضحين أن خلوة الإمام الجزولي المسمى محمد ابن سليمان ابن أبوبكر الجزولي السملالي الحسني (توفي 1465)، المحاذية لقصر البحر والمجاورة لضريح الشيخ آبي محمد صالح برباط آسفي والتي يعود تاريخ إنشائها إلى سنة 1445 ، شكلت منارة للعلم والتصوف، حيث كانت المكان الذي اعتكف بها الشيخ الجزولي، و بها ألف كتاباته الغزيرة وفي مقدمتها كتابه الشهير المعروف “بدليل الخيرات “، كما شكلت الخلوة، الوجهة التي وفدت إليها القبائل والمتشوقين للتزود من نبع التصوف السني المعروف ب ” الشاذلي الجديد”، مشيرين في الوقت ذاته، إلى أن ما تعانيه هذه الخلوة من اندثار لمعالمها بعد أن تهدم عدد كبير من زواياها وأركانها بسبب عدم ترميمها بالإضافة إلى العوامل المناخية المتمثلة في التعرية الريحية خاصة وأنها تواجه للتيارات البحرية القوية التي تجتاح المنطقة.
وأجمعت جل تدخلات المهتمين بضرورة بصيانة المعالم التاريخية بآسفي، على أن ما تعيشه خلوة الشيخ محمد ابن سليمان الجزولي بآسفي من إهمال، يطالب الجميع، بضرورة بإعادة الاعتبار لهذه المعلمة التاريخية الدينية والعمل على ترميمها وجعلها صرحا للبحث العلمي في مجال التصوف السني، نظرا لما تحمله من دلالة تاريخية وعلمية وتراثية.
وأكدت الفعاليات المذكورة، على أهمية الدور الذي لعبته الخلوة الجزولية في نشر الوعي الصوفي بأسفي وباديته انطلاقا من جلسات الذكر وتلاوة الورد المعتمد، حيث قام الشيخ الجزولي بترسيخ الفكر الصوفي في حياة أتباعه سلوكا وممارسة والعمل على تربيتهم تربية خاصة تأخذ منطلقاتها من مبادئ فلسفته في التصوف المبنية على الخير والصلاح ومرتكزة في أسسها على الطريقة الشادلية التي كانت مرجع الإمام، وبالتالي عمل على نشرها بين أوساط أتباعه ومريديه، باعتبار أن الجزولية ليست إلا تتمة للشاذلية، رغم أن الشيخ محمد بن سليمان الجزولي عمل على ملائمتها لأرض الواقع في محاولة لتطويرها، وإصلاحها، وإزالة ما علق بها من الشوائب التي أخرجتها عن روح كنهها الصوفي الذي يعتمد على الذكر الجماعي داخل الزاوية وتربية السلوك وما اتصل به، وذلك من خلاله على مراعاة الطبوع والألحان والأوزان، وكذا الصحبة .
وحسب العديد من الكتابات التاريخية للأستاذ الباحث إبراهيم اكريدية، فان الإمام الجزولي كان يولي عناية خاصة للذكر ارتباطا بالتنظيم الطائفي، بما يفيد أن الشيخ المجدد تأثر بالأساليب التربوية الاصطلاحية، التي تبناها شيوخ الطيفة، أو ما يعرف بالذكر الجماعي الدعوي في نشر الشاذلية، وقد ألف لهذا الغرض مجموعة من الأدعية والأحزاب، وقد اشتهرت كثيرا في بلاد المغرب بين أهل الذكر وكان أشهرها : دلائل الخيرات، التي لقيت عناية خاصة من طرف الجزوليين.
وذهب العديد من الباحثين في أبحاثهم وتخصصاتهم الخاصة بمجال التصوف، إلى أن الشيخ الجزولي قد جعل أحزابه جميعها ترتكز على التربية والسلوك وشدد على الاهتمام بالعلم الظاهر في التربية الصوفية، مع نظمه لأذكار لسالكي الطريق التي لا يمكن لها أن تبلغ أوجه الكمال إلا في إطار الصحبة، وقد وفدت إليه العديد من القبائل تآزره وتسانده، فاجتمع لديه أزيد من اثني عشر ألفا من أصحابه وأتباعه، فصارت بذلك مدينة أسفي قبلة للمتشوقين إلى التصوف ” الشاذلي الجديد” .
التعليقات - المطالبة بتأهيل الخلوة الشيخ الجزولي بآسفي ومثقفون يقترحون تحولها إلى مركز إشعاع فكري وفني عوض تركها للاندثار :
عذراً التعليقات مغلقة