خمس جهات من أصل 12 جهة، هيمنت على 72 في المائة من عدد الأفراد المعتقلين ضمن الخلايا الإرهابية المفككة من طرف الأجهزة الأمنية خلال ثلاث سنوات الأخيرة، حسب تقرير للمركز المغربي لدراسة الإرهاب والتطرف، وصل “تيل كيل عربي” نسخة منه اليوم السبت. وكشف التقرير ذاته، أن جهة طنجة تطوان الحسيمة تحتل الرتبة الأولى وطنيا في عدد الأفراد المعتقلين ضمن الخلايا الإرهابية بنسبة 21 في المائة.
بينما 28 في المائة موزعة على 7 جهات وهي: جهة الرباط سلا القنيطرة بـ8 في المائة، وجهة مراكش آسفي بـ6 في المائة، و5 في المائة لكل من جهة العيون و سوس ماسة، و 2 في المائة لجهة كلميم واد نون، و1 في المائة لكل من جهة الداخلة واد الذهب وجهة درعة تافيلات.
وأبرز الباحث خلال التقرير ذاته، أن “الظاهرة تزداد مؤشراتها عند الانتقال من الجنوب المغربي نحو شماله. على اعتبار أن كل انتقال يواكبه ازدياد حدة التوتر النفسي والثقافي والسوسيو اقتصادي بين الغرب المتقدم وشعوب شمال افريقيا المتخلفة. وأدى تمركز الأنشطة الاقتصادية في الجهات الخمس عموما الى نشوء أحزمة الفقر، وانتشار البناء العشوائي، والهجرة القروية المكثفة إلى تغير اجتماعي كبير. كما أن بعض هذه الجهات تتميز بانتشار أنشطة غير مشروعة كالتهريب ( وجدة، الناظور، تطوان … ) والاتجار في المخدرات، ولا يمكن إغفال دور سبتة ومليلية المحتلتين في عمليات التجنيد والاستقطاب والتمويل”.
وأحصى التقرير تفكيك 52 خلية إرهابية، 21 خلال سنة 2015 و 19 خلال سنة 2016 و9 خلال سنة 2017 و4 فقط خلال سنة 2018 . جميعها مرتبطة بتنظيم ” داعش”.
وأرجع الباحث التراجع في الخلايا الإرهابية المفككة كل سنة إلى “عوامل داخلية تمثلت في تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية كبنية مؤسساتية جديدة متخصصة في التصدي للجريمة الإرهابية وباقي الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية الماسة بأمن الدولة والجرائم العابرة للقارات. وهو ما سمح بتجميع المعطيات على الظاهرة في مؤسسة واحدة وتحليلها وتنسيق جهود باقي الأجهزة الأمنية والإستخباراتية مما أدى إلى انسجام وفعالية في الاداء ، عوض النهج الذي كان معمول به سابقا يتمثل في تداخل عمل أكثر من جهاز أمني واستخباراتي في قضايا الإرهاب و” المنافسة ” بينها إلى تشتيت الجهود وبطء الفعل. كما واكب ذلك ادماج الأشخاص الذين كانوا متابعين في قضايا الإرهاب أو بعض العائدين من بؤر التوتر في برامج إعادة التأهيل التي تشرف عليها الرابطة المحمدية للعلماء والمندوبية السامية للسجون وإعادة الإدماج، إضافة إلى تراجع الاقتناع بـ ” الخطاب ” المتطرف لدى الشباب بسبب انتاج خطاب رقمي بديل، وانتقال وسائل الإعلام من مستوى نقل الخبر الإرهابي إلى مستوى التحسيس بالظاهرة، وانخراط المجتمع المدني قوي في برامج للوقاية والتأطير.
أما على المستوى الخارجي، يقول تقرير المركز المغربي لدراسة الإرهاب والتطرف، ساهم اندحار تنظيم داعش بسوريا والعراق وليبيا إلى تراجع قدراته التنظيمية، مع ما واكب ذلك من مقتل العشرات من المقاتلين المغاربة لدى التنظيم الذين كانت من بين مهامهم تجنيد واستقطاب الشباب وتأسيس الخلايا الارهابية وتزكية القيادات المحلية … كما أدى ضرب تفكيك الخلايا التي كانت تنشط بين اسبانيا والمغرب الى الحد من تمويل الارهاب.
وفي ما يخص الجنس، فقد شكل الذكور 95 في المائة، من المعتقلين في الخلايا الإرهابية مقابل 5 في المائة فقط من الاناث بعضهن قاصرات. وأرجع الباحث محمد بن عيسى، ذلك إلى أن التصور حول ظاهرة التطرف لدى العقل الأمني المغربي هي أنها ظاهرة ذكورية. علما ان الاناث لديهن قدرة فائقة على التمويه والتخفي بسبب طبيعة المجتمع المغربي الذي يعتبرهن عورة وهو ما يسمح لهن بحركية أكثر بعيدا عن العيون الامنية. مع العلم أن نساء مغربيات لعبوا دورا كبيرا في استقطاب وتجنيد الشباب، وترويج الأفكار المتطرفة على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي. إضافة إلى أن بعضهن قيادات بارزات في التنظيمات المتطرفة وعلى رأسهم تنظيم “داعش”.
وأبرز التقرير على أن عدد المعتقلين ضمن الخلايا الإرهابية مما كانوا ينوون التخطيط لعمليات إرهابية خلال سنة 2015 شكلوا 53 في المائة ، وممن تورطوا في التمويل والتجنيد بـ 21 في المائة و 14 في المائة حاولوا الالتحاق ببؤر التوتر و8 في المائة ممن انخرط في تمجيد الإرهاب، إما على المستوي الرقمي ( شبكات التواصل الاجتماعي ) أو عبر كتابات تمجد الإرهاب على جذران بعض المؤسسات والفضاءات العمومية مثلا.
ويرجع التقرير هذا الارتفاع في محاولة استهداف المغرب وزعزعة استقراره، إلى أن تنظيم “داعش” كان يتوفر على قدرات تنظيمية لابأس بها ولا زال مسيطرا على مساحات واسعة سوريا والعراق مع بداية ضرب حصار خارجي لمنع التحاق متطوعين جدد به، وتبنى استراتيجية من اجل استهداف دول التحالف ضد داعش داخل اراضيها والتي يعد من بينها المغرب.
أما خلال سنة 2016، يضيف تقرير المركز، يلاحظ أن التخطيط للعمليات الإرهابية حافظ على نفس المؤشر تقريبا بـ 52 في المائة مع ارتفاع لمحاولات الالتحاق ببؤر التوتر وخصوصا بفرع ليبيا بـ 30 في المائة والتمويل والتجنيد بـ 9 في المائة تمجيد الارهاب بـ 9 في المائة أيضا.
أما خلال سنة 2017 التي تم تفكيك 9 خلايا فقط من طرف الأجهزة الأمنية، يلاحظ من خلال البيانات والإحصائيات أن هناك تشتت في الإستراتيجية بعد اندحار تنظيم داعش القوي بسوريا والعراق وبليبيا حيث انخفض التخطيط للعمليات الإرهابية الى 31 % ومحاولة الالتحاق ببؤر التوتر إلى 31 في المائة أيضا و 23 في المائة تجنيد وتمويل الإرهاب، و 15 % لتمجيد الإرهاب.
وخلال الستة الأشهر الأولى من سنة 2018 التي تم خلالها تفكيك 4 خلايا فقط، انخرط 75 في المائة من الافراد المعتقلين في تمجيد الإرهاب مقابل 25 في المائة حاولوا التخطيط لعمليات ارهابية.
ويوضح ذلك أنه لا زالت هناك حواضن للفكر المتطرف، وأن المعركة القادمة يجب ان تكون على المستوى الثقافي بما في ذلك التحسيس وتقوية دور المجتمع المدني.
أما على مستوى القيادات، يلاحظ أن 73 في المائة من قيادات الخلايا المفككة من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية خلال ثلاث سنوات كانوا لهم صلة مباشرة بأفراد من تنظيم داعش موجودون على الساحة السورية والعراقية أو الليبية، وادى مقتل هؤلاء الى تراجع كبير في الخلايا الارهابية التي كانت تخطط للقيام لاستهداف زعزعة استقرار المغرب، مقابل 15 في المائة معتقلون سابقون في قضايا الإرهاب، و 12 في المائة من العائدين وهو ما يعيد النقاش الى خطورة العائدين من بؤر التوتر والقدرة على اعادة ادماج كلا الفئتين داخل المجتمع المغربي .
التعليقات - خريطة الإرهاب بالمغرب.. جهة مراكش آسفي تحتل 6 في المائة ضمن تقرير مفصل يعرض بالأرقام تطور الظاهرة ونتائجها منذ 2015 :
عذراً التعليقات مغلقة