رحل وديع و رحلت معه ابتسامته العفوية و خياله الذي كان يمر بيننا هنا و هناك ،لم يكن طموحه كبير ،فقط دريهمات من بطالة مقنعة تسد الرمق أو قد لا تسده، ألفناه كجزء من المدينة و اعتقدنا أنه باق ببقائها.
رحل وديع و هو يساءلنا عما قدمنا له من مساعدة و من عطف و لو حتى من سؤال عن حاله و حال من يقتسم معهم قسوة و جوع الشتاء القارس .
وديعون كثر بيننا ،أينما رحلنا و ارتحلنا ،يمرون أمامنا و نحن في المقاهي ،و في أحياءنا و نحن نهم بدخول بيوتنا ،قرب المحلات التجارية و قرب الإشارات الضوئية ، لكننا لا نكلمهم و نتجاوزهم و لا نبالي بوجودهم و قد نتأفف حينما يلحون في السؤال ، ييد أننا نتحسر كلما سمعنا سوءا أو مرضا قد ألم بهم أو موتا قد باغتهم في معادلة غير قابلة للتفسير ..
قد يكون لوديع و أمثاله تاريخ أجمل لا نعلمه ،أو أسرة بيننا تنكرت له ،أو ظروفا لو وضع اي واحد منا فيها لاستغرب كيف حافظ هو على طيبوبته و ابتسامته و عفويته و تسامحه ..
وديع ،هو عنوان للحرمان و اللامبالاة و للفردانية التي غمرتنا فأصبحنا لا نفكر إلا في ذواتنا ،و رحيله هو مساءلة لنا و لقيمنا المجتمعية و لشعاراتنا ،و لنتساءل:ماذا لو بقي وديع بيننا اليوم ،كيف كنا سنتصرف ؟هل كنا صادقين في مشاعرنا بعد موته أم مجرد حزن اعتيادي تمحوه الدقائق و الساعات المقبلة ؟
هي لحظة للتأمل و لمراجعة الذات حتى نجعل من رحيل وديع رسالة أمل و إنسانية و تضامن و اهتمام بإخوة لنا قادتهم الظروف لمٱلات تستدعي منا تحمل مسؤولياتنا المجتمعية و الأخلاقية و لو بلمسة عطف أو ابتسامة ،أو مساعدة بسيطة تكفيهم ذل السؤال و تنسيهم للحظة مرارة الحرمان…
رحمك الله وديع و أسكنك فسيح جناته ،و إنا لله و إنا إليه راجعون.
التعليقات - الدكتور عماد المعزوزي يكتب..تعزية بطعم الاعتذار في رحيل وديع بائع السجائر المهذب :
عذراً التعليقات مغلقة